responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 515
هَذَا اللَّفْظِ مَذْكُورٌ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فِي قوله وَساءَ سَبِيلًا [سورة النساء: 22] .

[سورة الأنعام (6) : آية 32]
وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (32)
[فِي قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ تَعْظُمُ رَغْبَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَتَحْصِيلِ لَذَّاتِهَا، فَذَكَرَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ تَنْبِيهًا عَلَى خَسَاسَتِهَا وَرَكَاكَتِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الْحَيَاةِ لَا يُمْكِنُ ذَمُّهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْحَيَاةَ الْعَاجِلَةَ لَا يَصِحُّ اكْتِسَابُ السَّعَادَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ إِلَّا فِيهَا، فَلِهَذَا السَّبَبِ حَصَلَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ حَيَاةُ الْكَافِرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ حَيَاةَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ، وَالسَّبَبُ فِي وَصْفِ حَيَاةِ هَؤُلَاءِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّ حَيَاةَ الْمُؤْمِنِ يَحْصُلُ فِيهَا أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ فَلَا تَكُونُ لَعِبًا وَلَهْوًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي حَيَاةِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ اللَّذَّاتُ الْحَاصِلَةُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ وَالطَّيِّبَاتُ الْمَطْلُوبَةُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا بِاللَّعِبِ وَاللَّهْوِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ حَالَ اشْتِغَالِهِ بِاللَّعِبِ وَاللَّهْوِ يَلْتَذُّ بِهِ، ثُمَّ عِنْدَ انْقِرَاضِهِ وَانْقِضَائِهِ لَا يَبْقَى مِنْهُ إِلَّا النَّدَامَةُ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْحَيَاةُ لَا يَبْقَى عِنْدَ انْقِرَاضِهَا إِلَّا الْحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذِهِ الْحَيَاةِ بِاللَّعِبِ وَاللَّهْوِ فِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مُدَّةَ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ قَلِيلَةٌ سَرِيعَةُ الِانْقِضَاءِ وَالزَّوَالِ، وَمُدَّةَ هَذِهِ الْحَيَاةِ كَذَلِكَ. الثَّانِي: أَنَّ اللَّعِبَ وَاللَّهْوَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَنْسَاقَا فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَكَارِهِ وَلَذَّاتُ الدُّنْيَا كَذَلِكَ. الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّعِبَ وَاللَّهْوَ، إِنَّمَا يَحْصُلُ عِنْدَ الِاغْتِرَارِ بِظَوَاهِرِ الْأُمُورِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّأَمُّلِ التَّامِّ وَالْكَشْفِ عَنْ حَقَائِقِ الْأُمُورِ، لَا يَبْقَى اللَّعِبُ وَاللَّهْوُ أَصْلًا، وَكَذَلِكَ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ، فَإِنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ إِلَّا لِلصِّبْيَانِ وَالْجُهَّالِ الْمُغَفَّلِينَ، أَمَّا الْعُقَلَاءُ وَالْحُصَفَاءُ، فَقَلَّمَا يَحْصُلُ لَهُمْ خَوْضٌ فِي اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ، فَكَذَلِكَ الِالْتِذَاذُ بِطَيِّبَاتِ الدُّنْيَا وَالِانْتِفَاعِ بِخَيْرَاتِهَا لَا يَحْصُلُ، إِلَّا لِلْمُغَفَّلِينَ الْجَاهِلِينَ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ، وَأَمَّا الْحُكَمَاءُ الْمُحَقِّقُونَ، فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْخَيْرَاتِ غُرُورٌ، وَلَيْسَ لَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَقِيقَةٌ مُعْتَبَرَةٌ. الرَّابِعُ:
أَنَّ اللَّعِبَ وَاللَّهْوَ لَيْسَ لَهُمَا عَاقِبَةٌ مَحْمُودَةٌ، فَثَبَتَ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّ اللَّذَّاتِ وَالْأَحْوَالَ الدُّنْيَوِيَّةَ لَعِبٌ وَلَهْوٌ/ وَلَيْسَ لَهُمَا حَقِيقَةٌ مُعْتَبَرَةٌ. وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ قَالَ بَعْدَهُ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَصَفَ الْآخِرَةَ بِكَوْنِهَا خَيْرًا، ويدل على أن الأمر كذلك حصول التفات بَيْنَ أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَأَحْوَالِ الْآخِرَةِ فِي أُمُورٍ أَحَدُهَا: أَنَّ خَيْرَاتِ الدُّنْيَا خَسِيسَةٌ وَخَيْرَاتِ الْآخِرَةِ شَرِيفَةٌ بَيَانُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ خَيْرَاتِ الدُّنْيَا لَيْسَتْ إِلَّا قَضَاءَ الشَّهْوَتَيْنِ، وَهُوَ فِي نِهَايَةِ الْخَسَاسَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ الْخَسِيسَةَ تُشَارِكُ الْإِنْسَانَ فِيهِ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ أَمْرُ تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ فِيهَا أَكْمَلَ مِنْ أَمْرِ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ الْجَمَلَ أَكْثَرُ أَكْلًا، وَالدِّيكَ وَالْعُصْفُورَ أَكْثَرُ وِقَاعًا، وَالذِّئْبَ أَقْوَى عَلَى الْفَسَادِ وَالتَّمْزِيقِ، وَالْعَقْرَبَ أَقْوَى عَلَى الْإِيلَامِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى خَسَاسَتِهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً لَكَانَ الْإِكْثَارُ مِنْهَا يُوجِبُ زِيَادَةَ الشَّرَفِ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ الَّذِي وَقَّفَ كُلَّ عُمْرِهِ عَلَى الْأَكْلِ وَالْوِقَاعِ أَشْرَفَ النَّاسِ، وَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً، وَمَعْلُومٌ بِالْبَدِيهَةِ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ مِثْلُ هَذَا الْإِنْسَانِ يَكُونُ مَمْقُوتًا مُسْتَقْذَرًا مُسْتَحْقَرًا يُوصَفُ بِأَنَّهُ بَهِيمَةٌ أَوْ كَلْبٌ أَوْ أَخَسُّ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ بَلْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 515
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست